والمخرج لسه ما قالش فركش
منين ماتروح كنت هتلاقيها
وطول الوقت كنت هتسمعها وتشوفها
إعلانات على كل لون وشكل وبكل اللغات لكل المستويات "أيوه البيئة يقروها بالعربي والكلاس يقروها بالإنجليزي!"
"أحلى هدية لماما"
"هدية ست الحبايب في عيدها"
"يا فرحة ماما بيك وأنت داخل عليها والهدية في إيديك!"
"لو كنت بتحبها اشتري لها موبايل وبكارت المية اشحن لها"
والموضوع لم يقف عند الهدايا البسيطة والتقليدية
اشتري لماما تكييف"
وده على اعتبار أن مامتك أكيد مش هتشيل التكييف على كتفها في كل حتة هي رايحة فيها.. وأكيد هيكون موجود في البيت وهينوبك من البرودة جانب!
وفيه شركات عربيات نزلت خصومات على الأسعار على اعتبار إن الشعب المصري حالته المالية- التي تعاني من انتفاخ!- هتخلي طفل في الابتدائية يدخل على مامته في عيدها بمفتاح عربية زيرو!
ده حتى الاستخفاف بقيمة "عيد الأم" واستخدامه كوسيلة لترويج السلع- أي سلع- وصل لدرجة إن فيلم جديد نازل في السينما كتبوا في إعلانه إنه هدية عيد الأم!.. مع إن قصة الفيلم بتحكي عن خفايا عالم الفيديو كليب!..واضح جدا طبعا إن كده أحلى هديه لمامتك
طب..سيبك بقى من الحاجات المستفزة دي
وانسَ خالص إنك اتأثرت بهوجة الإعلانات اللي فاتت
وتعال كده نرجع بالذاكرة لورا شوية صغيرين
صغيرين بجد
مش سنة ولا اتنين ولا تلاتة.. دول يادوب 3 أو 4 أيام
يوم عيد الأم اللي فات
يا ترى جبت هدية لوالدتك..
آه أكيد..
بيتهيألنا إن مافيش حد مش بيجيب هدية لمامته في عيد الأم.. حتى ولو كان مش معاه فلوس بيستلف من هنا ولاّ من هنا وبيكسر حصالته.. أو يبيع المجلات القديمة اللي راكنها في كرتونة تحت السرير.. أو حتى بيقول لباباه إن المدرس الخصوصي محتاج عشرين جنيه زيادة – وهو طبعا مش عاوز!.. وباباك بيكون عارف كده وبرضه بيديك!
حتى اللي ربنا ابتلاهم واختبرهم برحيل أمهاتهم وخلاهم يقضوا عيد الأم من غير أم
برضه دول هتلاقيهم بيجيبوا هدية لخالتهم ولا لعمتهم ولا حتى لمدرستهم أو صاحبتهم الكبيرة في المدرسة ولا الجامعة..
طيب تعال معانا بالكاميرا كده..
خلينا ندخل جوه البيت المصري الحلو ده..
أيوه.. أدينا دخلنا من البلكونة.. يمين شوية.. كده دخلنا على الصالة.. العيلة كلها متجمعة.. والأم واضح عليها الفرحة وهي بتفتح الهدية..
لقطة كلوز لو سمحت على وجه الأم وهي بتميل على ولادها تشكرهم وتبوسهم..
جميل قوي المشهد ده..
ارجع بقى بالكاميرا لورا..
عاوزين لقطة واسعة تكشف لنا كل الصالة..
أيوه.. مش ملاحظ إنه بعد ما الأم خدت الهدية.. وفرحت لها شوية.. بس خلاص.. الموضوع انتهى.. مع إن المخرج لسه ما قالش "فركش"!
ماخدتش بالك الابنة الكبيرة.. دخلت في أوضتها وقفلت على نفسها ومسكت سماعة التليفون وقعدت ترغي مع واحدة صاحبتها "شفتي الواد أحمد إمبارح.. يخرب بيته..كان لابس قميص أحمر على بنطلون مخطط!..تحفة!"
ماخدتش بالك برضه إن الابن.. قفل باب الصالون وقعد قدام جهاز الكمبيوتر وشغل الإنترنت- أيوه أصله دي إس إل!-.. وعلطول فتح الماسينجير عشان البنت "توتة" ميعادها الساعة 7 بالظبط ولو اتأخر عليها ثانية واحدة ممكن تعمل عليه بلوك!
حتى الأب.. فتح التليفزيون وقعد يتفرج على الجزيرة وماسك الريموت في إيديه.. ومابيتحركش من على الكرسي!
حتى ماما العسولة الجميلة السكرة الحنونة.. زيها زي أي ست مصرية طيبة.. خدت الهدية حطتها جنب زمايلها في الدولاب- حتى شوف ده هدية السنة اللي فاتت لسه بلفتها-.. ودخلت المطبخ عشان تحضر العشاء وهي بتفكر في الشغل اللي هتصحى عشانه بدري بكره الصبح..
لأ لأ.. مش عاوزين تكتئب وتزعل وتقفل الصفحة وتقوم ماشي
ماعملناش حاجة كده
تعال الأول نتكلم مع بعض شوية.. ونحاول نفهم
ليه ده بيحصل؟
ليه علاقتنا بأسرتنا.. يعني علاقتنا بالأب والأم والأخ والأقارب أصبحت- في أغلب الأحوال- موسمية ظاهرية ..
يعني فيها القرب والفرح والتواصل.. لكن "مظاهر" بس أو قشور- في الأغلب برضه بلا تعميم-
فاكر أنت آخر مرة.. قعدت فيها مع والدك ووالدتك وأخوك من غير مايكون التليفزيون شغال عشان هو اللي يخلق الحوار بينكم؟
فاكر آخر مرة.. قعدت فيها مع والدتك لوحدكم ساعة عصاري في البلكونة- أيوه اللي دخلنا منها الكاميرا!- تشربوا شاي وتتكلم معاها عن ذكريات طفولتها وأيام شقاوتها في المدرسة؟
تفتكر.. إنك اتمشيت مع والدك قبل كده بعد صلاة الجمعة في الشارع وعزمته على كوباية عصير قصب - بخمسين قرش بس!-..وقعدت تحكي له أنت خايف من إيه وحابب تعمل إيه في حياتك
فاكر؟
لو فاكر يبقى حلو قوي.. اكتب وقل لنا واحكِ لنا.. وجاوب لنا على السؤال
ياترى الحاجات دي فرقت معاك ولا لأ؟
ولو مش فاكر
إنك قعدت مع أسرتك في يوم كده تدردشوا وتفكروا وتضحكوا..
قل لنا برضه إيه السبب؟
ويا ترى حاولت تعالج الأسباب دي؟
وفشلت ولا نجحت؟
ومين أقرب لك والدك ولا والدتك؟ وليه؟
خد نفس طويل كده وخليك صريح معانا..
اكتب وفضفض.. جايز تفيد وتستفيد
اكتب.. جايز لما نتكلم .. المخرج مايقولش فركش
منقول